شرطة دبي: أم تطعن نفسها حتى الموت بعد وفاة ابنها.. ومراهقة تنتحـر داخـل مـدرستها

كشفت دراسة أعدتها الإدارة العامة في شرطة دبي عن تسجيل 35 بلاغ انتحار، و37 بلاغ شروع في انتحار، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، مرجحة انخفاض المؤشر الجنائي لهذه البلاغات مع نهاية ،2011 مقارنة بالعام الماضي الذي شهد 83 بلاغ انتحار و2009 الذي شهد 89 بلاغاً.

وقال نائب مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية لشؤون الرقابة والإدارة العقيد جمال الجلاف، إن «نسبة بلاغات الانتحار لا تزيد على 0.1٪ من إجمالي البلاغات الجنائية خلال العام الجاري، لكن تضمنت بلاغات أثارت الرأي العام، نظراً لارتباطها بمأساة أسرية مثل حالة الأم التي قفزت من نافذة شقتها في الطابق الثامن في أحد أبراج بحيرات الجميرا خلف طفلها الذي سقط من النافذة نفسها لتتوفى بجوار جثة طفلها».

وأضاف أن هناك حالة أخرى مماثلة حدثت خلال العام الجاري، حين طعنت أم تحمل جنسية دولة عربية نفسها بآلة حادة لتتوفى متأثرة بطعنات نافذة حزناً على ابنها المراهق الذي توفي في حادث مروري، لافتاً إلى أنها أصيبت بحالة من الاكتئاب انتهت بانتحارها على هذا النحو المأساوي، إضافة إلى حالة فتاة انتحرت داخل مدرستها.

وأشارت الدراسة إلى أن «هناك أسباباً عدة للانتحار، منها النفسي والعاطفي مثل امرأة قتلت نفسها بسبب خلافات مع زوجها وتركت له رسالة تقول «أحبك وداعاً»، ومنها ما هو مرتبط بالوضع الاقتصادي للشخص، مبينة أن الآسيويين يتصدرون قائمة المنتحرين، وتحديداً الهنود، فيما لم تسجل خلال العام الجاري سوى حالة انتحار واحدة لمواطن مقابل ثلاث حالات العام الماضي ومثلها العام قبل الماضي.

وتفصيلاً، قال العقيد جمال الجلاف، إن «دراسة تضمنت تحليلاً أمنياً لجرائم الانتحار كشفت انخفاض بلاغات الانتحار بنسبة 6.7٪ وبلاغات الشروع في الانتحار بنسبة 11.3٪ خلال العام ،2010 مقارنة بالعام ،2009 متوقعة انخفاضها خلال العام الجاري الذي لم يتبق على نهايته سوى شهرين وأيام، مقارنة بالعامين الماضيين».

وأضاف أن «المنتحرين من دول آسيوية تصدروا قائمة مرتكبي هذه الحوادث خلال السنوات الثلاث بنسبة 90٪، يتقدمهم الهنود بنسبة 74٪، يليهم البنغاليون بنسبة 7.8٪ والباكستانيون 5.6٪، فيما سجلت حالة انتحار واحدة بين مواطنين خلال العام الجاري، مقابل ثلاث حالات خلال العام الماضي بنسبة 0.04٪ ومثلها في عام 2009 بنسبة 0.05٪. وبينت الدراسة أن «الرجال يمثلون النسبة الأكبر من المقدمين على الانتحار مقارنة بالنساء، عازية ذلك إلى أنهم أكثر عرضة للضغوط الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، نظراً لأنهم يتولون توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهم»، مشيرة إلى أن أكثر طرق الانتحار شيوعاً بين الرجال هي الشنق، فيما تكره النساء اللجوء إلى العنف، ويلجأن عادة إلى تناول جرعات زائدة من الدواء.

أسباب الانتحار

وأوضح الجلاف أن «الدراسة لخصت أسباب الانتحار في ثلاثة عوامل رئيسة: نفسي ويشمل الاضطرابات العصابية والذهنية، ويلجأ المنتحر في هذه الظروف إلى قتل نفسه انتقاماً منها في حالة ارتكاب خطيئة ما، أو انتقاماً لنفسه إذا تعرض لنوع من الظلم أو الضغوط، سواء في عمله أو منزله، ويلجأ للانتحار لإثارة الانتباه ولفت الأنظار إلى الظلم الذي كان يتعرض له». وتابع أن «العامل الثاني اجتماعي وينتشر عادة بين الأسر المفككة التي لا تربط أفرادها أواصر اجتماعية»، موضحاً أن طلاق الوالدين وخلافاتهما التي تمتد غالباً إلى نوع من العنف الجسدي ترسخ فكرة الانتحار عند الأبناء للتخلص من هذا العذاب، كما يشمل هذا العامل بعض الحالات العاطفية التي تتولد لدى فتاة تجبرها أسرتها على الزواج بشخص معين أو بسبب قصة حب فاشلة أو زواج لم يستمر. واعتبرت الدراسة أن العامل الثالث اقتصادي، وهو أكثر أسباب الانتحار شيوعاً، وينتشر عادة لدى فئة العمال الذي يعملون ساعات طويلة ولا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الشخصية، مبينة أن نفراً من هؤلاء يعتقد أن انتحاره سينقله إلى حياة أفضل بعد موته. وأفاد الجلاف بأن «من أبرز حالات الانتحار خلال العام الجاري واقعة الأم الإيرانية التي قفزت من نافذة شقتها في الطابق الثامن خلف طفلها الصغير، وكذا حالة أم عربية طعنت نفسها حتى الموت بعد وفاة ابنها في حادث، وكذا فتاة مراهقة تبلغ من العمر 16 عاماً قتلت نفسها داخل المدرسة بتناول جرعة زائدة من الدواء».

وتابع أن من بين حالات الانتحار واقعة كشفها موظف في شركة هندسية، حين توجه إلى مقر عمله في ورشة الشركة، ودخل إلى المستودع، فوجد ثلاثة هواتف نقالة ورسالة على الطاولة يعتذر فيها زميله (كاتب علاقات عامة بالشركة) عن عدم تمكنه من تجهيز معاملات العمال لدى الهجرة، فسلمها إلى المدير، ولم يعيرا الأمر أي انتباه، واتجه إلى الورشة مع زملائه لمزاولة عمله، وبعد 10 دقائق قام برفع رأسه إلى الأعلى فشاهد زميله صاحب الاعتذار مشنوقاً بحبل نايلون برتقالي اللون مربوط في عمود بسقف الورشة يبعد ارتفاعه من الأرض نحو 3.50 أمتار.

وشملت الحالات كذلك واقعة اكتشفتها فتاة صغيرة حاولت فتح إحدى غرف منزلها، لكنها كانت محكمة الإغلاق، وحين نظرت عبر فتحة الباب شاهدت مقعداً في وسط الغرفة، فيما كانت شقيقتها الكبرى معلقة في الهواء، فأبلغت شقيقها الأكبر الذي كسر باب الغرفة ليجد شقيقته منتحرة بغطاء رأسها بعد ربطه في مروحة السقف، نتيجة معاناتها من مشكلات مع زوجها، واتفاقهما على الطلاق، إذ تعاطت صباح يوم الانتحار كمية من الحبوب الطبية جعلتها في وضع غير طبيعي. ولفت إلى أن هناك حالة كشفتها خادمة في فيلا، إذ شاهدت أثناء عملها طباخ الأسرة يترنح وتنزف الدماء من عنقه بغزارة ثم سقط أرضاً، وتبين أنه قطع رقبته بسكين، وشملت البلاغات كذا سقوط رجل أعمال يحمل جنسية دولة آسيوية من شرفة شقته في الطابق الثالث، وتبين من خلال سؤال أصدقائه أنه كان يعاني اكتئاباً حاداً في الآونة الأخيرة.

أحبك وداعاً

وشملت البلاغات التي ارتبطت بحالة عاطفية واقعة وفاة امرأة في العقد الثاني من عمرها مرت بخلافات أسرية مع زوجها، فقامت على إثرها بشنق نفسها في غرفتها، وتركت خلفها رسالة كتبت فيها «أحبك وداعاً»، وتضمنت كذلك حالة أخرى لامرأة قتلت نفسها بكوب زجاجي بعد كسره وقطع وريد ساعدها الأيمن، بسبب بعض الضغوط العائلية والأسرية، وتكررت الحالة نفسها خلال العام الجاري في منطقة المرقبات مع امرأة عربية قطعت وريد يدها اليسرى داخل حمام شقتها.

الراحة الأبدية

وأوصت الدراسة المديرين في المؤسسات المختلفة والآباء بمراعاة الظروف النفسية والاجتماعية والصحية والاقتصادية لموظفيها وأبنائهم، لأن ضعف الوازع الديني لدى فئة من الناس يدفعهم إلى التفكير في إنهاء حياتهم بطريقة فورية، معتقدين أنه الحل الحاسم لجميع مشكلاتهم، ويمكنهم من الحصول على الراحة الأبدية. وأكد نائب مدير الإدارة العامة للتحريات العقيد جمال سالم الجلاف أن «هذه البلاغات لا تمثل هاجساً أمنياً أو تندرج ضمن البلاغات المقلقة في دبي، لكن يبقى إزهاق الروح بهذه الطريقة أمراً غير مقبول في جميع المجتمعات، ويعد جريمة كبرى في حق النفس والمجتمع».

6 أشهر عقوبة الشروع في الانتحار

أفاد العقيد جمال الجلاف بأن القانون الإماراتي يجرّم الشروع في الانتحار، إذ نصت المادة (335) من قانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لسنة 1987 وتعديلاته لسنة ،2006 على أنه: «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو الغرامة التي لاتتجاوز 5000 درهم أو بالعقوبتين معاً، كل شخص يشرع في الانتحار، ويعاقب بالحبس كل من حرّض آخر أو ساعده بأية وسيلة على الانتحار، إذا تم الانتحار بناء على ذلك.

Related posts